قصدت بيت جدها وهى تبكى لغضب والديها لرفضها الزواج من مقاول ثرى يكبرها بعشرات السنين .
هناك فى إحدى قرى المنصورة حيث الجمال والوداعة .
رآها وهى تلعب فى حوش المنزل صغيرة . باكية دائما
المقاول : أقولك يأبو زينة البنات
الريس عباس : تؤمر يا معلمى
المقاول : الجماعة اللى عندى بعافية شوية وزى ما إنت ناضر لسة بعافيتى وصحتى وكمان الشغل كتير عليها حلب الجاموس والخبيز والأكل والأرض والعيال . إيش قولك لما تزوجنى بنتك حنان .
تهللت أسارير الريس والدها وعلى الفور أبلغة بموافقتة وأخبر أمها وكاد أن ينهدم المنزل من فرط الزغاريد والفرح .
عندها غادرت حنان لمنزل جدها وسمع منها ثم تحدث إليها بحكمة وروية لم تعهدها من قبل .
وقال : حفيدتى الغالية لا أخفى عليكى ما يمر بة والدك وأمك من أزمات فأسرتكم كبيرة وهناك أخوة لك فى المدارس وزواجك من هذا الثرى قد يحقق أحلامك الصغيرة والكبيرة أيضا وتستطيعين مساعدة اسرتك . إية رأيك يابنتى ؟
كانت كالعادة تظن أن الذهاب للجد قد يساعدها ويخرجها من الأزمة .
لكنها فشلت هذة المرة ووافقت وهى على مضض ولو بشكل مؤقت ظنا منها أن الكل سيراجع نفسة .
ذهبت لصاحبتها أنيسة وحكت أيضا .
لم تمهلها لكى تكمل قائلة :
ومالة يا خايبة هو حد يطول يعيش ف عز إحنا بنربى الوز عشان نبيعة موش ناكلة . شكلك كدة موش وش نعمة . عندك الجماعة بتوع الخليج ببيجوا هنا وبيدفعوا كتير . إحمدى ربنا أن أبوك مفكرش يبيعك زى باقى البلد . إتكلى على الله .
تم الزفاف فى فرح عظيم من أهل القرية وذهب الجميع للتهنئة فى صباح اليوم التالى بمنزل الزوج وباقى عائلتة وأولادة الكبار .
عاشت تعانى الوجد والحرمان لسنوات حتى رزقها الله بثلاثة بنات وولد .
إختنق الحِمل عليها . إذ لا طاقة لها بتحمل كل الأعباء كما ذكرنا .
بدأت المضايقات من ضرتها وأولادها ودائما تلاحقها بالمشكلات بعد أن أصبحت وريثة أيضا فى الرجل .
إستمرت فى طلب الطلاق أو أن يدبر لها منزلا آخر بعيد عن هؤلاء حتى إستجاب أخير بشراء منزل لها وللأولاد فى المناطق الجديدة بالقاهرة وقتها وكانت تسمى بالأرض الزراعية إذ لم تدخل بعد كردون المبانى .
لم تكن النقلة كبيرة ولكنها تحول كبير جدا فى حياة حنان وصغارها .
كان دائما التأخر عليها فى المصروف والمنزل عبارة عن أسوار بدون سقوف فهى مازالت تحتاج الكثير لإستكمال بناء المنزل والإعتماد على نفسها .
تعلمت مهنة الطبخ وذهبت للأفراح طباخة ماهرة وبدأت الحياة تدب من جديد حتى إستكملت سقف المنزل . سافرت للخليج بالمهنة التى أحبتها وحَصلت الكثير وحاولت أن تعلم أولادها فى المدارس والجامعات .
توفى الرجل واصبح فى عنقها الأيتام والمسئولية أكبر واشرس . كيف تتابع كل ذلك ؟ تركت الأولاد مرة أخرى للسفر بمفردهم ولم يحنو أحد من الأقارب عليهم أثناء غيابها . واصلت الليل بالنهار والصيف بعد الشتاء . ثم عادت لتكمل مشوارها ورسالتها ,
فشل الولد الأوحد فى التعليم وتعلم إحدى المهن حتى تزوج وأنجب ثلاثة زيجات ولم يكمل . كان عصبى المزاج . مدمن للمخدرات والكحول . وأتم نضالة بطلاق زوجاتة وخرج لملذاتة ولم يعد .
تزوجت البنات وهى تدبر وتدبر وتعمل حتى الستين من عمرها .
لم تنعم إبنتين لها بالذرية وتم طلاقهما وهم فى حوزتها . إحداهما تعمل وتكسب رزقها فى إحدى المستشفيات والأخرى طريحة المنزل ببنتيها من زوج نصاب مختفيا بعد طلاقها . ولا نفقة ولا جمل .